مهاجر إلى آللّه بأخلاقي

من هدي النبي الأكرم صلى الله عليه وسلّم أنه كان يؤدّب أصحابه تأديبا حسنا لتستقيم حياتهم بسلوك كريم ومعاملة حسنة وذلك طوال حياته معهم ليتميز المسلم عن غيره من الناس فالذي أسلم نفسه وروحه وإرادته وقيادته لله ليس كمن سلّم نفسه وقيادته للشيطان يعبث به وبإرادته وبأخلاقه وبمعاملته فيمتطيه ليصل به إلى حيث يريد من فساد ذات البين بينه وبين غيره من بني جنسه ومن حوله من خلق الله، ومن توجيهات النبي الكريم في ذلك ما كان منه في نصيحته لأصحابه رضي الله عنهم ولنا  في آخر لقاء يجمعه بأكبر عدد من أصحابه وأمّته فقد روي عن أبي مالك الأشعري: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال في حجَّةِ الوداع أيّامَ الأضحى للنّاسِ: ((أليس هذا اليومَ الحرامَ؟)) قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: ((فإنَّ حُرمةَ ما بينكم إلى يوم القيامةِ كحُرمةِ هذا اليومِ، وأحَدِّثُكم مَن المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المسلمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، وأُحَدِّثُكم من المؤمِنُ؟ مَن أمِنَه النّاسُ على أموالِهم وأنفُسِهم، وأحَدِّثُكم من المهاجِرُ؟ من هجَرَ السيِّئاتِ، والمؤمِنُ حرامٌ على المؤمن كحُرمةِ هذا اليوم؛ لَحمُه عليه حرامٌ أن يأكُلَه بالغيبةِ يَغتابُه، وعِرضُه عليه حرامٌ أن يخرِقَه، ووجهه عليه حرامٌ أن يلطِمَه، ودَمُه عليه حرامٌ أن يسفِكَه، ومالُه عليه حرامٌ أن يظلمَه، وأذاه عليه حرامٌ أن يدفَعَه دفعًا)). وفي رواية: أنَّه قال  فيها: ((وحرامٌ عليه أن يدفعه دفعةً تُعَنِّتُه)) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٣/٢٧١  •  ففي هذا الحديث العظيم أكد المصطفى صاحب الخلق العظيم على مجموعة من القيم الإنسانية التي فقد أكثرها بين ربوع البشرية حتى في أوساط الأسرة الواحدة التي استبد ببعض أفرادها العنف وسوء الخلق لأتفه الأمور وكان كل واحد منا يريد العيش لنفسه ويحب كل شيء لنفسه ويعطي لنفسه ويأخذ لنفسه فبئس  الحياة من حياة لا يكون فيه إلا خلة الشيطان عندما قال بكل كبر (( أنا خير منه )).

 إن الإنسان الحر الذي يتحرر من عبوديته للشيطان ويكون سيّدا حقيقيا إذا كان عبدا فقط للرحمن لأنّه سيكون في كنفه تعالى ورعايته فمن يكون عليه

  إذا كان الله معه، ومن أخذ على نفسه  أن يكون الله معه لا عليه فمن باب أولى أن يتحلى بما أمر الله به في حسن خلقه مع عباد الله رحمة ورأفة، حلم وأناة، عدل وحكمة، حب ووفاء، تقوى و خفظ الجناح، فتلك هي ثمرة التوحيد الحق.

 

د. صلاح القادري وبعض الدكاترة.

كلية القيادة والإدارة.

جامعة العلوم الإسلامية الماليزية